الاثنين، 12 يوليو 2010

البداية

يوم السبت 27-12-2008 : كنت جالسا كعادتي على مكتبي في زاوية الغرفة أعمل كالمعتاد، الغرفة تطل على مدينة غزة من الطابق الثاني عشر في واجهة زجاجية تمتد من الجدار حتى الجدار بجانبي تكشف الجهة الشمالية الغربية للمدينة، تطل الغرفة من هذه الجهة على مبنى عرفات للشرطة والجوازات، بينما تطل الجهة الغربية على مقر الأمم المتحدة المركزي في المدينة ، وتطل الجهة الجنوبية على منطقة الزيتون وما خلفها في منظر متسع حتى الأفق .


وفي تمام الساعة الحادية عشر والنصف تماما سمعنا صوت شديد ، وكالعادة لم نتحرك من أماكننا ظنا منا إنها اختراق حاجز الصوت أو حتى عملية قصف عادية كما اعتدنا عليها دائما ، وفي أثناء هذا التأمل سمعنا صوتا أخر اشد قربا ، تبعه عدة أصوات شديدة متعددة الاتجاهات على شكل موجات متتابعة، عندها انقطع حبل التفكير بعد أن علمنا أن هناك امرأ يختلف عن كل المرات، وفي نظرة خاطفة على منظر قطاع غزة المتجلي من الواجهات الزجاجية - والتي لحسن الحظ كانت مفتوحة لتتحمل ضغط الهواء الناجم عن الانفجارات – وإذ بقطاع غزة أصبح تعلوه أعمدة الدخان الضخمة تتصاعد من على طول القطاع من شماله لجنوبه  من مناطق متفرقة في منظر مهول وفي أقل من دقيقتين في استعراض قوة وبطش الآلة العسكرية الصهيونية ، كان اقرب تلك الأعمدة ما تصاعد من مقر مدينة عرفات للشرطة وقد رأيت الجثث ملقاة في الساحة ورجال الشرطة يجرون في كل حدب وصوب.


قمنا بتشغيل محطات الراديو المحلية بلا فائدة ، الكل في حالة صدمة ، لا احد يعرف ما يجري ، وفي بث الجزيرة المتقطع على الانترنت وفي مقابلة المذيع جمال ريان مع د.اسماعيل رضوان – احد قادة حماس والمتحدثين باسمها -  قال بأن الحرب على قطاع غزة قد بدأت وأن جيش الاحتلال يريد إسقاط حكم حماس في غزة وأن قادة حماس بخير وإنه يطمئن الجميع بأن قادة حماس بخير وبينما نحن نستمع إليهم دخل علينا "أبو عمر" وهو لا يكاد يستطيع الوقوف على إقدامه من شدة الصدمة وأخذ بسرد ما رآه، فقد كان يمشي بالقرب من مدينة عرفات للشرطة وكان الأطفال قد خرجوا من مدارسهم يوم السبت كالعادة وإذ بالانفجارات تحدث والكل يجري في كل مكان من دون وعي أو تفكير ، وغيوم الدخان تغطيهم وتمطرهم ببقايا الحجارة، فأخذ "أبو عمر" بالجري حتى وصل للشركة من دون تفكير وعلامات الذعر مرسومة على وجهه ، وفي أثناء ذلك قال لنا أبو خالد وهو مدير الشركة لا تقتربوا من النوافذ وأغلقوا الشركة واذهبوا إلي بيوتكم ولا تستعملوا المصعد ونزل مهرولا على الدرج .

وكعادتي وقفت انظر إلى قطاع غزة من الواجهات الزجاجية ...  بعد الانفجارات أعمدة الدخان تتصاعد في السماء ... أصوات الطائرات ... نظرت إلى من حولي من الموظفين والكل مرسوم على وجهه علامة واحدة تقول: " ماذا بعد ؟" ... ابتسامة عريضة على وجهي ... "يلا ننزل بالسانصير".

هناك 5 تعليقات:

poprage يقول...

لا تذكرنا الله يرضى عليك

بس حلوه منك اسلوب اللغة العربية الفصحى

Unknown يقول...

في مواقف يا حوت ما بتتنسي

Unknown يقول...

والله زمان عنكم انتم،
والله الكم وحشة

بس اذا احنا بدنا ننسى ، مين راح يتذكر؟!
صحيح الموضوع صارلو سنة و6 شهور ، لكن المنظر لسة قدامي بكل تفاصيله ولسة.

Karim sp يقول...

حلو إنه الذكريات تجمعنا ...كيف حال الشباب كيف حالك يا عبد زمان عنك والله .....
المهم... انا برضو بدي اتذكر هديك الايام كان فيها اكشن :) ... اكشن عن جد ... لازم نجربها كمان مرة عشان الواحد قرفان اللي "مابين ساقيه" وبدنا نغير جو ... وكمان لأنه الوضع مزري ع الاخر واحنا من سيء الى اسوأ ...
وابتسم انت في غرزة ^_^

Unknown يقول...

هلا كرميلا حبيب ألبي ... الله يكون بالعون ويحسن هالوضع.
وفعلا ابتسم انت في غرزة :)